صندوق النقد الدولي: بوادر انتعاش إقليمي بعد اتفاق غزة

أصدر صندوق النقد الدولي أحدث تحديثاته لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي، مقدماً مزيجاً من التفاؤل الحذر تجاه اقتصادات الشرق الأوسط وتراجعاً في آفاق النمو الروسي تحت ضغط العقوبات وارتفاع أسعار الفائدة. وقالت بيتيا كويفا بروكس نائبة كبير الاقتصاديين في الصندوق إن اتفاق السلام بين إسرائيل وحركة حماس الذي أنهى حربا استمرت عامين في غزة يوفر فرصة حقيقية لانتعاش اقتصادي طويل الأمد في المنطقة، مؤكدة استعداد الصندوق للتعاون مع المجتمع الدولي من أجل دعم إعادة إعمار غزة وتعافي الاقتصادات المتضررة مثل مصر والأردن.

وأشارت بيتيا كويفا بروكس إلى أن نجاح المرحلة الأولى من خطة السلام قد يجلب استقرارا سياسيا واقتصاديا نسبيا إذا ترافق مع إصلاحات مالية فعالة وتدفقات تمويلية مستدامة، لافتة إلى أن الصندوق رفع توقعاته لنمو الاقتصاد المصري إلى 4.3% في عام 2025 و4.5% في عام 2026 بدعم من تعافي السياحة والصناعات التحويلية غير النفطية التي ساعدت في تعويض تراجع إيرادات قناة السويس. وأضافت أن الصندوق يتوقع تعافي القناة وقطاع التعدين في عام 2026 مع استقرار خطوط التجارة تدريجيا، مؤكدة أن تنسيق الجهود الدولية سيشكل عنصرا حاسما لنجاح مرحلة التعافي.


اقتصاد عربي
الأمم المتحدة تقدر تكلفة إعادة إعمار غزة بـ70 مليار دولار

وفي المقابل، خفض الصندوق توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الروسي لعام 2025 إلى 0.6% بعد أن كانت 0.9%، وهو أقل من تقديرات الحكومة الروسية البالغة 1%. وأوضح أن الاقتصاد الروسي الذي سجل نموا قويا بنسبة 4.3% في عام 2024 يواجه تباطؤا حادا بسبب استمرار العقوبات الغربية وتشديد السياسة النقدية، إذ يبلغ سعر الفائدة الرئيسي 17% وهو من بين الأعلى في دول مجموعة العشرين، في حين يطالب عدد من قادة الأعمال بخفضه إلى ما بين 12 و14% لتحفيز الاستثمار والإنتاج. ويرى الصندوق أن استمرار القيود المالية والتجارية يضغط على النشاط الاقتصادي ويقلّص تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر رغم بقاء المالية العامة الروسية مستقرة نسبيًا بفضل عائدات الطاقة.

وعلى الصعيد العالمي رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 3.2% في عام 2025 و3.1% في عام 2026 بعد أداء أقوى من المتوقع خلال النصف الأول من العام، كما رفع تقديراته لنمو التجارة العالمية إلى 3.6% هذا العام قبل أن تتراجع إلى 2.3% في العام المقبل مع استقرار سلاسل الإمداد وتراجع تكاليف النقل والطاقة. واعتبر الصندوق أن تحسن الطلب الصناعي في آسيا وزيادة النشاط في الاقتصادات الناشئة يعززان آفاق النمو العالمي، لكنه حذر من أن التوترات الجيوسياسية والقيود التجارية قد تضع سقفًا للتعافي إذا تصاعدت خلال العامين المقبلين.

ويشير التقرير إلى أن الاقتصاد العالمي يدخل عام 2025 بمرونة نسبية لكنه يظل هشًا أمام الصدمات الجيو-اقتصادية، إذ يفتح اتفاق غزة نافذة أمل لتعاف إقليمي بينما تواجه روسيا ومعها اقتصادات ناشئة أخرى تباطؤًا واضحًا. ويرى الصندوق أن المرحلة المقبلة تتطلب مزيجًا متوازنًا من الانضباط المالي والسياسات التحفيزية للحفاظ على النمو، إضافة إلى تعاون دولي أوسع لضمان استدامة التعافي في بيئة عالمية تتسم بعدم اليقين.