«إسلام بلا أحزاب» لرجاء النقاش بالتزامن مع الذكرى الحادية والتسعين لميلاد الناقد المصري

بالتزامن مع الذكرى الحادية والتسعين لميلاد الناقد الراحل رجاء النقاش، المولود في محافظة الدقهلية في دلتا مصر، في 3 سبتمبر (أيلول) من عام 1934، أطلقت الهيئة الوطنية للإعلام كتاباً جديداً له بعنوان «إسلام بلا أحزاب»، ضمن سلسلة «كتاب ماسبيرو» التي تصدرها مجلة «الإذاعة والتليفزيون» القاهرية منذ سبعينات القرن الماضي، وتوقفت بعد ثورة يناير، ويأتي هذا الكتاب الفكري لاستئناف إصدار السلسلة.

يضم الكتاب مجموعة من المقالات الفكرية والنقدية التي نشرها النقاش في حقبة التسعينات، وتعالج مجموعة من المشكلات الجوهرية التي تتعلق بأحوال المسلمين في العصر الحديث، ويعد الكتاب امتداداً للتيار التنويري في الفكر الديني، فكثيراً ما يستعيد أقوال مفكرين وأئمة يمثلون رموزاً للفكر المستنير، مثل الإمام محمد عبده وعباس محمود العقاد والشيخ محمود شلتوت، وغيرهم، فهو ليس كتاباً في الدين ولا في الفقه، لكنه أقرب إلى مناقشة فكرية هادئة لأوضاع المسلمين في ظل عالم متغير، وأوضاع سياسية عالمية ضاغطة.

يناقش الكتاب أهمية دخول الأمة في عصر الحداثة، بتحديث الوعي الإسلامي، بما يتوافق مع قيم المدنية والديمقراطية، وضرورة الحوار بدلاً من المصادرة، ووجوب تقنين فوضى الفتاوى، وتخليص الإسلام مما لحق به من ظواهر سلبية تسيء لجوهره السمح، مثل ظاهرة التكفير والإرهاب التي كانت منتشرة في حقبة التسعينات، وعانت كثير من البلدان العربية من نيرانها، فيقول: «خرجت علينا تلك الظاهرة المؤلمة، وأقصد بها ظاهرة التكفير، فبعض المسلمين يكفر بعضهم الآخر، ووصلت ظاهرة التكفير إلى حدها الأقصى عندما أمسك البعض بالسلاح، وقاموا بقتل من يختلفون معهم في فهم الإسلام».

يتكون الكتاب من تسعة فصول، يمزج فيها النقاش بأسلوبه الرشيق المعروف عنه بين ذكرياته الشخصية وحوادث واقعية وسياسية عايشها، وبين التاريخ والسياسة والفكر، مناقشاً العلاقة مع الغرب، والرؤية المغلوطة للبعض عن الإسلام والمسلمين، خصوصاً مع انتشار الإرهاب وتصدير صورة إعلامية مغلوطة عن المسلم، باحثاً عن سبل الحوار الحضاري، سواء بين المسلمين أنفسهم، أو بينهم وبين الآخر.

الكاتب الصحافي أحمد المسلماني، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، أشار في مقدمته للكتاب إلى أن النقاش يرى «أن الحوار هو الحل، وأن الإسلام تهدده جبهتان خطيرتان... واحدة متطرفة ترفع رايته، ولكن تلحق به وبالأمة الإسلامية أشد الأضرار، وثانية معادية تكيد للإسلام وتتآمر عليه، ولا تريد حاضراً ولا مستقبلاً لهذا الدين»، موضحاً أن النقاش لا يقف في كتابه «عند نقد المتطرفين وأعداء الحوار وحملة السلاح، ولكنه يعرض جوانب من قيم الإسلام، وفضل حضارة الإسلام على العالم».

يذكر أن رجاء النقاش حاز جائزة الدولة التقديرية في مصر، وجوائز أخرى كثيرة، وشارك في تقديم أسماء بارزة من كبار المبدعين العرب، منهم الروائي السوداني الطيب صالح، والشاعر الفلسطيني محمود درويش، كما شارك في تأسيس وازدهار عدد كبير من الصحف والمجلات الثقافية العربية، منها مجلة «الدوحة» القطرية، و«الآداب» البيروتية، كما ترأس الكثير من الصحف والمجلات المصرية.