نالت المرأة المصرية في العصر الفرعوني حقوقاً لم تحظَ بها مثيلاتها اللائي عشن في أثينا وروما، بل وخلال عصر النهضة الحديثة في أوروبا! آمن المصريون القدماء أن دموع إيزيس حزناً على زوجها أوزير، الذي قتله غدراً أخوه ست رمز الشر هي المياه التي تجري في نهر النيل؛ وبالتالي فهي التي تمنح الحياة لمصر. كما أنها هي أيضاً إيزيس التي ربت الطفل حورس لكي ينتقم من عمه ست ويستعيد عرش أبيه. لذلك فقد رفعها القدماء الأجداد إلى السماء وأصبحت إيزيس رمزاً للوفاء وحتحور رمزاً للأمومة والحب والعطاء.
تمتعت المرأة في المجتمع المصري القديم بحقوق شرعية جديرة بالاحترام والتقدير، حيث تؤكد المصادر المكتوبة اشتراك المرأة في عضوية إحدى المحاكم القروية، وذلك أن الفراعنة فطنوا إلى ضرورة وجود امرأة تتفهم شؤون النساء، بخاصة أن أكثر ما تنظره المحاكم القروية قضايا الأحوال الشخصية كما يتضح ذلك من وثائق دير المدينة التي عاش فيها العمال والفنانون الذين بنوا ورسموا مقابر الملوك.
وهناك حالة أخرى لاشتراك امرأتين مع ثلاثة رجال في مجلس القضاء الذي كان ينظر بعض قضايا الأحوال الشخصية. ويؤكد ذلك أنه كان للمرأة الحق أن تقاضي زوجها أو أي شخص في حال تعرضها لظلم أياً ما كان، والدليل على ذلك بردية من الأسرة 12 من الدولة الوسطى تتضمن شكوى لامرأة تدعى تاحنوت ضد أبيها الذي وهب جزءاً من ممتلكاته الشخصية لزوجته الثانية وحرمها منها، وهناك مثال آخر من نصوص قرية دير المدينة حيث رفعت امرأة دعوى ضد زوجها لضربه إياها.
تمتعت المرأة المصرية القديمة بالكثير من الحقوق والمميزات من دون غيرها من نساء العالم القديم مثل حق التوقيع على العقود. ولم يكن هناك قيود تحول بين المرأة وحقها في التملك بل تنوعت مصادر الملكية سواء كان إرثاً أو عملاً أو ما يأتيها من بيع محاصيل زراعية أو غيرها. وهناك أدلة تشير إلى وجود قروض تتاح للرجال والنساء مثل امرأة تدعى رنبت نفرت اقترضت عشرة دبن لتسوية قطعة أرض. وهناك نصوص من دير المدينة تشير إلى أن نساء يشترين ويبعن المنازل والمخازن والغلال.
وكانت الزوجة ترث عن زوجها تلقائياً ثلث ما يملك كما يحق لها الثلث عند طلاقها بغير ذنب، وكان للزوج الحق في أن يترك كافة ممتلكاته لزوجته، وعليه من ثم أن يحرر وصية بما يريد توقع في حضور الشهود. كما تؤكد وصية المدعو واح أن للمرأة حق التصرف في ميراثها. كما سجل أحد الموظفين من الدولة القديمة؛ ويدعى متن أنه قد ورث قطعة أرض تقدر بنحو ثلاثين فداناً عن أمه. ومن عصر الأسرة 19 توجد وصية لامرأة تدعى نوخت ورثت أملاكها عن أبيها وزوجها الأول ثم رزقت بثمانية أبناء من الزوج الثاني، وفي هذه الوصية فصلت نوخت بين أملاكها الخاصة من أبيها وزوجها الأول وبين أملاك زوجها الثاني، إذ ورثت عنه ثلث أملاكه، وأما ثلثا التركة الباقيان فورثهما أبناؤها بالتساوي. ولكنها حين قسمت ثروتها الخاصة من أبيها وزوجها عمدت إلى استبعاد بعض أبنائها ممن أهملوا رعايتها في شيخوختها، وأوصت بثروتها للأربعة البررة منهم. وقد شهد على الوصية جميع أبنائها أمام المجلس المحلي.
لقد تمتعت المرأة المصرية القديمة بالكثير من الحقوق التي حرمت منها أختها التي عاشت في حضارات أخرى سواء معاصرة أو لاحقة، وكانت هي بحق سيدة العالم القديم.
زين حواس
