الابتزاز النووي في سياسات الكيان الصهيوني

لماذا انسحبت سفن أساطيل تركيا وإسبانيا وإيطاليا الحربية من المياه الدولية بعد إعلانها الجريء عن نيتها حماية ومساعدة قافلة الإغاثة البحرية العالمية "صمود" أثناء محاولتها كسر حصار غزة ونقلها المساعدات الإنسانية إلى سكانها الجائعين والمصدومين؟

إن تراجع هذه السفن قبل الاحتياج الفعلي إليها يُعد إذلالًا فادحًا، ومن المتوقع أن يكون مكلفًا سياسيًا للأحزاب الحاكمة في الدول الثلاث. إنهم يُعرضون أنفسهم للتهميش أمام العالم، وسيواجه كل منهم غضب الناخبين المُحرَجين الغاضبين.

والأهم من ذلك، أن هذه الدول، التي كانت قبل أيام فقط من مهاجمة البحرية الإسرائيلية واعتداءاتها على سفن قافلة الإغاثة تضرب صدورها، أصبحت الآن غير مستعدة حتى للشهادة على أي مخطط أو اعتداء إسرائيلي قذر ضد سفن القافلة والمشاركين فيها. فالفظائع التي لا مفر من وقوعها لن تُوثّق. لماذا؟

في هذا السياق، يتساءل د. توماس غرين، الكاتب والمثقف التقدمي الإيرلندي وأستاذ الفيزياء النظرية: لماذا تخلى الغرب عن أسطول "الصمود" العالمي؟ هل لأن بنيامين نتنياهو كان سيضغط على الزر فعلًا.

بحسب غرين، لكلٍّ تفسيره المُفضّل. أما الأسباب الثلاثة الرئيسية المتداولة دائمًا فهي:

1. الموساد يُمارس ضغوطًا مُكثّفة على جميع أصحاب السلطة والنفوذ تقريبًا ويبتزّهم؛

2. اللوبي الإسرائيلي يُشنّع على السياسيين ومسؤولي وسائط الإعلام التنفيذيين والمشاهير لإخضاعهم بسلاحه المُفضّل ذي الفوهتين: اتهامات بمعاداة السامية، وندمٍ وأسفٍ غير كافٍ على المحرقة النازية؛

3. توزيع اللوبي المُفرط للرشى في كل مجالٍ مهمّ من مجالات النفوذ: السياسة، والقانون، والتعليم، والمال والتجارة، والدفاع والأمن، والإعلام.

خيار شمشون الانتحاري
لا يعتقد غرين أن هذه التكتيكات، رغم أنها حقيقية، تُمثّل مُجتمعةً قوةً كافيةً لشلّ الإمبراطورية الغربية بأكملها، والتي عانت على مدى عامين من أضرارٍ لا يُمكن إصلاحها في سمعتها جرّاء جرائم "إسرائيل" ضدّ مفهوم الحضارة الإنسانية بحدّ ذاته.

هناك تفسير أقوى لسبب عجز الرؤساء ورؤساء الوزراء، ووسائل الإعلام، والمحامين والمعلمين، والمؤلفين والفنانين عن قول كلمة حق واحدة عن الكيان الصهيوني.

لماذا تُحجب التعليقات المناهضة للإبادة الجماعية والمتعاطفة مع الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي؟ لماذا تضرب الشرطة في الغرب المتظاهرين السلميين ضربًا مبرّحًا لمجرد أنهم يعارضون الدعاية الرسمية السخيفة؟

الرئيسية
مقالات
إيران
الابتزاز النووي في سياسات الكيان الصهيوني
الابتزاز النووي في سياسات الكيان الصهيوني
هل يُمكن لأحد أن يطمئن مع امتلاك "إسرائيل" ترسانة أسلحة نووية ضخمة، ورئيس وزراء أثبت مرارًا وتكرارًا استعداده لتجاوز أي حدود، بل ويُمارس حتى محرقة حقيقية؟

 

مازن النجار
اليوم 10:01

0:00


هل يُمكن لأحد أن يطمئن مع امتلاك "إسرائيل" ترسانة أسلحة نووية ضخمة؟
لماذا انسحبت سفن أساطيل تركيا وإسبانيا وإيطاليا الحربية من المياه الدولية بعد إعلانها الجريء عن نيتها حماية ومساعدة قافلة الإغاثة البحرية العالمية "صمود" أثناء محاولتها كسر حصار غزة ونقلها المساعدات الإنسانية إلى سكانها الجائعين والمصدومين؟

إن تراجع هذه السفن قبل الاحتياج الفعلي إليها يُعد إذلالًا فادحًا، ومن المتوقع أن يكون مكلفًا سياسيًا للأحزاب الحاكمة في الدول الثلاث. إنهم يُعرضون أنفسهم للتهميش أمام العالم، وسيواجه كل منهم غضب الناخبين المُحرَجين الغاضبين.

والأهم من ذلك، أن هذه الدول، التي كانت قبل أيام فقط من مهاجمة البحرية الإسرائيلية واعتداءاتها على سفن قافلة الإغاثة تضرب صدورها، أصبحت الآن غير مستعدة حتى للشهادة على أي مخطط أو اعتداء إسرائيلي قذر ضد سفن القافلة والمشاركين فيها. فالفظائع التي لا مفر من وقوعها لن تُوثّق. لماذا؟

في هذا السياق، يتساءل د. توماس غرين، الكاتب والمثقف التقدمي الإيرلندي وأستاذ الفيزياء النظرية: لماذا تخلى الغرب عن أسطول "الصمود" العالمي؟ هل لأن بنيامين نتنياهو كان سيضغط على الزر فعلًا.

بحسب غرين، لكلٍّ تفسيره المُفضّل. أما الأسباب الثلاثة الرئيسية المتداولة دائمًا فهي:

1. الموساد يُمارس ضغوطًا مُكثّفة على جميع أصحاب السلطة والنفوذ تقريبًا ويبتزّهم؛

2. اللوبي الإسرائيلي يُشنّع على السياسيين ومسؤولي وسائط الإعلام التنفيذيين والمشاهير لإخضاعهم بسلاحه المُفضّل ذي الفوهتين: اتهامات بمعاداة السامية، وندمٍ وأسفٍ غير كافٍ على المحرقة النازية؛

3. توزيع اللوبي المُفرط للرشى في كل مجالٍ مهمّ من مجالات النفوذ: السياسة، والقانون، والتعليم، والمال والتجارة، والدفاع والأمن، والإعلام.

خيار شمشون الانتحاري
لا يعتقد غرين أن هذه التكتيكات، رغم أنها حقيقية، تُمثّل مُجتمعةً قوةً كافيةً لشلّ الإمبراطورية الغربية بأكملها، والتي عانت على مدى عامين من أضرارٍ لا يُمكن إصلاحها في سمعتها جرّاء جرائم "إسرائيل" ضدّ مفهوم الحضارة الإنسانية بحدّ ذاته.

هناك تفسير أقوى لسبب عجز الرؤساء ورؤساء الوزراء، ووسائل الإعلام، والمحامين والمعلمين، والمؤلفين والفنانين عن قول كلمة حق واحدة عن الكيان الصهيوني.

لماذا تُحجب التعليقات المناهضة للإبادة الجماعية والمتعاطفة مع الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي؟ لماذا تضرب الشرطة في الغرب المتظاهرين السلميين ضربًا مبرّحًا لمجرد أنهم يعارضون الدعاية الرسمية السخيفة؟

مواضيع متعلقة

السابع من أكتوبر وعالمية الثورة
اليوم 08:56


"إسرائيل" والطوفان.. وهم "النجاحات" تُبدّده فداحة الخسارات! (2/2)
11 تشرين اول 09:51

ولماذا تُصنف منظمة سلمية تمامًا مثل "فلسطين أكشن" منظمة إرهابية محظورة، بينما يُشاد الآن بحكام دمشق من سلفيي القاعدة كشخصيات سورية مرموقة؟ ولماذا انسحبت تركيا وإسبانيا وإيطاليا، التي تظاهرت بحماية قافلة "الصمود" البحرية العالمية، من المياه الدولية بأمر من "إسرائيل"؟

في خلاصة لكل هذه الفظائع، يعتقد غرين أنه يستطيع الإجابة عن هذا السؤال. بنيامين نتنياهو شخص غير مستقر عاطفيًا ومنحطٌ أخلاقيًا. أدنى استفزاز، أو حتى أدنى عائق أمام أهدافه – حتى النقد العلني – يدفعه إلى نوبات عنف جماعي مميتة.

بل وسيفعل أي شيء للبقاء في منصبه بعيدًا من السجن، الذي يستحقه وينتمي إليه: أي أنّ التضحية بأكثر من مليوني نفس في غزة لا تعني له شيئًا. التضحية بجميع أسرى الحرب الإسرائيليين لا تعني له شيئًا. إغراق قافلة بحرية تحمل مواد إغاثة إنسانية لا يعني له شيئًا. إنه منحطٌ تمامًا ومرتبط تمامًا بزمرة من مجانين الكاهانيين المتطرفين في الكنيست الذين يُبقون ائتلافه الحاكم على قيد الحياة.

وهذا يجعله كابوسًا عالميًا في سياق خيار شمشون النووي الانتحاري: بنيامين نتنياهو سيضغط الزر النووي حقًا.

مخاطر كارثة نووية
يرى غرين أن هذه هي الإجابة عن معظم الأسئلة المتعلقة بأزمات الشرق الأوسط. لماذا لا تُهدد الحكومة الأميركية بقطع المساعدات عن "إسرائيل" للضغط على حكومتها لتتوجه نحو الاعتدال؟ لأن نتنياهو سيضغط الزر النووي فعلًا. لماذا سمح بايدن، والآن ترامب، للإسرائيليين بتحديهم علنًا، والتنمر عليهم علنًا أمام العالم – وبالمحصلة، السماح لـ"إسرائيل" بالتنمر على أميركا؟ لأن بيبي سيضغط الزر فعلًا.

مؤخرًا، أجاب هذا الوضع عن سؤال: لماذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لقصف المواقع النووية الإيرانية نيابةً عن "إسرائيل"، في حين كان الجميع يعلم أن تحليلات وتقارير مجتمع الاستخبارات الأميركي لا تدعم مثل هذا الإجراء؟! يمكننا أن نستنتج أن نتنياهو هدد بشن حرب نووية إذا رفض ترامب إنهاء المعركة نيابةً عنه!

واليوم، يُجيب هذا عن سؤال لماذا اضطرت القوات البحرية التركية والإسبانية والإيطالية إلى الانسحاب المهين بعد إعلانها عن هدفها حماية ومساعدة قافلة الإغاثة البحرية "الصمود".

يرى غرين أن الخطر الحقيقي لكارثة نووية يكمن في السبب الضمني لخضوع الغرب المتملق لـ"إسرائيل". ولهذا السبب لا يكتفي السياسيون ونخب الإعلام في الغرب بالتسامح مع حصار غزة الشيطاني، بل يتسترون عليه بنشاط، إلى جانب فظائع أخرى ترتكبها "الدولة اليهودية" كما يُحب نتنياهو تسميتها.

وبناء على ذلك، ليس أمام الغرب من خيار سوى السماح لـ"إسرائيل" بتطهير غزة عرقيًا، وضم الضفة الغربية المحتلة، والاحتفاظ بالأرض التي سرقتها مؤخرًا من لبنان وسوريا – إلى جانب أي أرض ذات سيادة ترغب "إسرائيل" باحتلالها لاحقًا.

نزع سلاح "إسرائيل"
على الغرب إذًا أن يدع الإسرائيليين يقصفون أي مكان يريدون قصفه، ويغتالون من يريدون، ويتركهم يفلتون من العقاب بالادعاء السخيف بأن الإرهابيين كانوا يختبئون في الطابق السفلي أو أن صواريخ سام كانت مثبتة على سطح المبنى، في حين يمكن لأي أحمق أن يراهم وهم يدمرون برجًا سكنيًا بأكمله عمداً لقتل عدو واحد قد يكون أو لا يكون موجودًا في البناية.

بل إن الغرب مُجبر الآن على التدخل بشكل مباشر! فاضطرت أميركا لقصف إيران من دون داع لأن مُفجّر الديناميت في "تل أبيب" كان سيثور غضبًا وربما يُغامر بكل شيء.

هل يُمكن لأحد أن يطمئن مع امتلاك "إسرائيل" ترسانة أسلحة نووية ضخمة، ورئيس وزراء أثبت مرارًا وتكرارًا استعداده لتجاوز أي حدود، بل ويُمارس حتى محرقة حقيقية؟

بل إن الجولة القادمة من العدوان الصهيوني على إيران – والمتوقعة قريبًا في فضاء التداول والبحث الاستراتيجي – تحمل في ثناياها احتمالاً حقيقيًا بل تهديدًا باستخدام الكيان الصهيوني للأسلحة النووية، بصرف النظر عن تصنيفها تكتيكية أو استراتيجية. وهذا يطرح تحديًا لا يغيب قطعًا عن القيادة والنخب الإيرانية، ولا مفر من مواجهته بعقيدة نووية – غامضة أو صريحة – تردع الجنون النووي الصهيوني.

يخلص غرين إلى وجوب نزع سلاح "إسرائيل" قبل أن تُشعل حربًا عالمية ثالثة. فـ"الدولة اليهودية" أمة من المُختلين عقليًا واجتماعيًا، يحكمها أمراء الجحيم السبعة، وهي قادرة على كل شيء جنوني. السبب الوحيد لعدم قصفهم غزةنوويًا هو نيتهم احتلالها واستيطانها.

أما مدن الإقليم الأخرى، فقد تكون القصة مختلفة!