سنة من مأمورية طموحي لوطني من منظور موضوعي

 الإفراط والتفريط،أوالتهويل والتهوين سمات طبعت عليها النفس الإنسانية.
وتتعذر النزاهة الفكرية أكثر،ويغلب الذاتي/القيمي على العلمي/الموضوعي عندما يكون موضوع النقاش ومادته سياسية بامتياز. هنا تختلط الحقيقة بالخيال والعمى المطلق بالرؤية الواصخة.
ولعل أوضح مثال على ذلك هو احتفالية حزب الإنصاف الحاكم يوم أمس بمرور سنة على تنصيب رئيس الجمهورية ضمن عهدته الثانية،ومارافق هذه الإحتفالية من تقييم للمنجز التنموي ،ذهب فيه العدميون والسلبيون مذهب الشك المطلق عندما اعتبروا أن الحصيلة كانت صفرية،بينما ذهب الفريق المقابل مذهب الغلو في وصف المرحلة بالخلو من كل عيب، وإضفاء العصمة عليها من كل خطأ وهنات في التسيير والتدبير.
والحقيقة أن حصيلة سنة من العمل المتواصل واليقظة الدائمة والمتابعة الدقيقة لسير المشاريع العموميةلايمكن إلا أن تكون مقنعة ووازنة حسب ماهو ماثل على الأرض من طرق وجسور ومنشآت تعليمية وصحية ،ومن تدقيق في كواليس التسيير واستدعاء لفرق التفتيش المالي كل مالاحت خيوط تلاعب هنا أو هناك،ومن تعليمات صارمة أنه لاتغاضي عن الفساد مهما قل، ولاتساهل مع العابثين  بالمعايير الفنية ،ومن إدخال للرقمنة واعتماد لنظمها للحد من الفرص أمام المتلاعببن. 


لكن الطابع المميز لهذه المرحلة والأكثر وضوحا وجلاء هو السياسات الإجتماعية التي اقتطعت قسما وافرا من موارد الدولة ووجهته لصالح المحتاجين والفئات الأقل دخلا،في شكل تأمين صحي واسع النطاق للمعاقين والأصحاء من محدودي الدخل،وفي شكل إتاحة مدارس الإمتياز للتلاميذ الأقل حظا والأقل معدلا،وفي شكل مساعدات اجتماعية نقدية وعينية شهرية وفصلية تشمل قاعدة اجتماعية عريضة تمنحها وكالة تآزر حسب معايير تتسم بقدر كبير من الإنضباط ،وفي شكل قروض ميسرة ومعفاة ممنوحة للشباب العاطلين عن العمل في إطار مكافحة البطالة وتشجيع الإنتاجية،ومن خلال سلسلة تكوينات مشفوعة بتمويلات تقدمها وزارة التكوين المهني والصناعة التقليدية،فضلا عن تعميم المنح على طلاب الجامعة الوافدين من داخل البلاد،وحالات التكفل بالمرضى التي تتم من حين لآخر.ضف إلى ذلك القرار التاريخي المتمثل في إنهاء مظلومية آلاف العمال غير الدائمين من خلال ترسيمهم في مؤسساتهم مثل الإذاعة والتلفزيون وشركة البث الإذاعي ،وميناء الصداقة ،دون أن ننسى أحدث تدخل اجتماعي تمثل في منح قطع أرضية مستصلحة لعمال الميناء الذين تحسنت ظروفهم المادية وظروف عملهم بفضل السياسات الإجتماعية المتبعة.


والواقع أن ماذكرناه ليس سوى جزء من كل يبرز الطابع الإجتماعي للإستراتيجية الوطنية والجهود المبذولة لتحقيق درجة أعلا من العدالة الإجتماعية، عبر النفاذ الشامل إلى خدمات أكثر نوعية وجودة، ومن خلال الرفع من القدرة الشرائية للمواطن البسيط لتحقيق رفاه أكثر.


ورغم ذلك فإن الوطن ينتظر الكثير على صعيد تصفية جيوب الفساد، وقمع الغش والتحايل بكل أنواعه، وإرساء مبدأ الحكامة الرشيدة ،والتسيير الشفاف والتدبير المعقلن، على نحو يضع حدا نهائيا لكل تصرف وسلوك يتنافى مع قواعد دولة القانون والمؤسسات وينهي كل أشكال استغلال النفوذ والتربح من الصفقات العمومية والتلاعب بالمشاريع المنفذة وعدم احترام الشروط والمعايير الفنية المنصوص عليها.


     محمدفال ولد امحمد اطفل

      مفتش تعليم ثانوي