أغلقت الحكومة الأمريكية معظم عملياتها اليوم الأربعاء، إذ حالت الانقسامات الحزبية العميقة دون توصل الكونجرس والبيت الأبيض إلى اتفاق تمويل، ما أشعل فتيل أزمة طويلة وشاقة قد تؤدي إلى فقدان آلاف الوظائف بالحكومة الاتحادية.
لم يكن هناك مخرج واضح من المأزق، في حين حذرت الوكالات من أن الإغلاق الحكومي الـ 15 منذ 1981، سيعيق إصدار تقرير الوظائف لشهر سبتمبر الذي يحظى بمتابعة دقيقة، وسيبطئ حركة السفر الجوي، وسيعلق البحث العلمي، وسيحجب رواتب القوات الأمريكية، وسيؤدي إلى تعليق عمل 750 ألف موظف اتحادي بتكلفة يومية قدرها 400 مليون دولار.
مكتب الميزانية في البيت الأبيض كان قد طالب الوكالات الفيدرالية مطلع سبتمبر الماضي، بإعداد خطط لتسريح جماعي للموظفين، ما مثل تصعيدا كبيرا مقارنة ببروتوكولات الإغلاق المعتادة السنوات الأخيرة، إذ كان يتم اعتبار الموظفين غير الأساسيين في حالة توقف التمويل في إجازة مؤقتة بدون راتب ثم إعادتهم إلى وظائفهم بعد استئناف التمويل، مع دفع رواتبهم المتأخرة.
التهديد بوقف البرامج غير الممولة ورد في مذكرة أرسلها مكتب الإدارة والميزانية التابع للبيت الأبيض إلى مكاتب الميزانية في الوكالات، ولم يعرف بعد حجم هذه التخفيضات المحتملة، إذ خالف المكتب الممارسات السابقة بعدم نشر خطط الطوارئ الخاصة بالوكالات في حال الإغلاق الحكومي.
إلغاء الوظائف في غير أولويات ترمب
توجه المذكرة الوكالات بتحديد البرامج وبنود الإنفاق التي توقف تمويلها اليوم 1 أكتوبر، والتي لا يتوفر لها مصدر بديل للتمويل، مؤكدة أن هذه البرامج لم يعد هناك التزام قانوني بتمويلها، بعد ذلك ستضع الوكالات خططا لإلغاء الوظائف بشكل دائم في المجالات التي لا تتماشى مع أولويات الإدارة الأمريكية.
في حالات الإغلاق الحكومي المعتادة، يعتبر 6 من كل 10 موظفين فيدراليين أساسيين ويواصلون العمل، بينما يطلب من البقية التوقف عن العمل حتى استئناف التمويل، أما تنفيذ عملية تسريح جماعي واسعة النطاق فسيكون له أثر ملموس على نمو الاقتصاد الأمريكي، وكانت صحيفة "بوليتيكو" أول من نشر خبر المذكرة.
المسؤول في مكتب الإدارة والميزانية خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن ويشغل حاليا منصب المدير الأول لسياسات الميزانية الفيدرالية في مركز التقدم الأمريكي بوبي كوجن قال "بعيدا عن مسألة الشرعية، سيكون ذلك عملا من أعمال الإضرار الذاتي الهائل بالبلاد، بالتخلص بلا داع من الكفاءات والخبرات، كما أنه ابتزازي تحت شعار إمنحونا ما نريد في معركة التمويل وإلا سنلحق الضرر بالبلاد".
مواجهة مع الديمقراطيين
في الوقت الحالي يقف المشرعون عند طريق مسدود بشأن كيفية تمويل الحكومة بعد نهاية سبتمبر، كان من المقرر أن يلتقي الديمقراطيون بالرئيس ترمب اليوم، لكنه ألغى اللقاء عبر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلا إن على الديمقراطيين التراجع عن مطالبهم بتجديد إعانات الرعاية الصحية وإنهاء تخفيضات برنامج الرعاية الصحية "ميديكيد" قبل أن يوافق على مناقشات حضورية مباشرة.
زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جيفريز قال أمس إن إدارة ترمب تنتهك بالفعل قوانين الإنفاق الفيدرالي خارج إطار الإغلاق الحكومي، أوضح أن الديمقراطيين يسعون إلى إدراج بنود في اتفاق التمويل المؤقت تحد من صلاحيات الرئيس في هذا المجال.
جيفريز أضاف خلال لقاء حواري مع "بلومبرغ" : "يواصل دونالد ترمب اختلاق مبررات لممارسة سلطات الطوارئ غير الموجودة أصلا، وقد فعل ذلك خارج سياق الإغلاق الحكومي"، وفي منشور له على منصة "إكس"، حذر جيفريز من أن الديمقراطيين "لن يخضعوا للترهيب" بتهديدات التسريح الجماعي.