هل تقوم الدبلوماسية السعودية بوساطة لإنهاء الأزمة المغربية الجزائرية؟

أثار اللقاء الذي جمع الملك محمد السادس بالأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبد العزيز آل سعود، وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء السعودي، كمبعوث للملك سلمان والأمير محمد، وقبله استقبال الرئيس الجزائري لسفير الرياض في بلاده، نقاشا حول احتمال وجود تحرك سعودي لإنهاء النزاع القائم بين المغرب والجزائر.

وتكتسب احتمالات الوساطة السعودية هذه زخما متناميا في ظل سعي الإدارة الأمريكية إلى دفع الجزائر نحو قبول تسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، الذي يظل النقطة الخلافية الأساسية بين الرباط والجزائر. هذه الأخيرة التي تواصل دعم جبهة “البوليساريو” والطرح الانفصالي في الأقاليم الجنوبية للمملكة، في وقت يؤكد فيه المغرب أن أي سقف أعلى لتسوية هذا الملف لا يمكن أن يخرج عن مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به سنة 2007.

في هذا الصدد، قال صبري عبد النبي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي، إن “المملكة العربية السعودية قد تكون تسعى إلى إعادة العلاقات المغربية الجزائرية إلى مسارها الصحيح، ولو أن الأمر لا يحتاج إلى وساطة بقدر ما يحتاج إلى تعقل صُناع القرار في الجزائر؛ ذلك أن المغرب من جهته طالما أكد على سياسة اليد الممدودة ودعا جارته الجزائر، وعلى أعلى المستويات، إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية”.

وأضاف عبد النبي، في تصريح لهسبريس، أن “السعودية تعرف أن ملف النزاع المفتعل حول قضية الصحراء دخل مراحله النهائية، خاصة في ظل وجود تحركات على مستوى الكونغرس الأمريكي لوضع جبهة “البوليساريو” ضمن قوائم الإرهاب.. وبالتالي، فالرياض ربما تسعى إلى محاولة الحفاظ على ماء وجه الجزائر التي راكمت النكسات الدبلوماسية في الفترات الأخيرة، مقابل تكريس المغرب لواقع سيادته على صحرائه في ظل دعم دول كبرى لمبادرة الحكم الذاتي”.

وشدد الأستاذ الجامعي المتخصص في العلاقات الدولية والقانون الدولي على أن “الجزائر وحدها في العالم ما زالت تعتبر قضية الصحراء المغربية ما تعتبره قضية تصفية استعمار؛ وهو مبدأ قانوني وأممي ساهم المغرب في بلورته، ويعني حصول الدول التي كانت مستعمَرة على استقلالها، ثم إن تصفية الاستعمار الحقيقية يجب أن تكون في الصحراء الشرقية وتندوف والأراضي التاريخية المغربية التي اقتطعها الاستعمار الفرنسي من المملكة وألحقها بالجزائر”.

وخلص المتحدث عينه إلى أن “من شروط عودة العلاقات المغربية الجزائرية إلى طبيعتها بين دولتين جارتين، اعتراف الجزائر بخطئها التاريخي المتمثل في إيواء جماعة انفصالية على أراضيها لضرب السيادة المغربية، ثم إحصاء سكان مخيمات تندوف المُغرر بهم، الذين وظفتهم الجزائر شر توظيف لخدمة أهدافها في المنطقة”.

من جهته، أوضح مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، القيادي العسكري السابق في جبهة “البوليساريو”، أن “هناك اعتبارات سياسية واقتصادية واستراتيجية تفسر أي تدخل سعودي محتمل للعب دور الوساطة في الأزمة بين المغرب والجزائر، خاصة في ظل التطورات الأخيرة التي شهدها المشرق”.

وأشار ولد سيدي مولود، في تصريح لهسبريس، إلى أن “العالم بات يركز على العلاقات الثنائية بين المغرب والجزائر أكثر من تركيزه على قضية الصحراء القائمة منذ نصف قرن؛ لكن التوتر بين البلدين لم يصل إلى الحد الحالي من القطيعة والتوتر، وحتى قضية الصحراء لن تُحل دون تقارب جزائري مغربي”.

وأضاف القيادي العسكري السابق في جبهة “البوليساريو” قائلا: “لاحظنا مؤخرا إشارات إيجابية من الجانبين المغربي والجزائري، كخطاب عيد العرش الدافئ تجاه الجزائر، وعدم تطرق تبون لقضية الصحراء ولا للعلاقة مع المغرب في لقائه الدوري الأخير مع الصحافة”، لافتا إلى أن “المغرب يعيش حاليا على وقع احتجاجات، ومن غير المستبعد أن تنتقل إلى الجزائر؛ وهذا يمس باستقرار المنطقة كلها، ويضعف المجموعة العربية في ظل التحولات الدولية المتسارعة”.

ولم يستبعد المتحدث ذاته “وجود دور أمريكي خفي يسعى إلى التقارب بين الجارين الغريمين، والسعودية لها علاقة جيدة مع ترامب الذي يحمل شعار إطفاء حرائق النزاعات”، معتبرا أن “الشروط الواجب توافرها لنجاح أية وساطة بين المغرب والجزائر هي تحييد قضية الصحراء عن طاولة الملفات العالقة بين البلدين، وتركها في يد الأمم المتحدة، والجلوس على طاولة التفاوض لمناقشة كل الملفات”.